ها هي أشراقة شمس يوم صيفي جديد تطل على الغابة ..تثائب عبًود الطرزاني بكسل و هو ممدد على سريره المربوط بين شجرتين " للعلم عبًود هذا هو سليل عائلة آل طرزان الشهيرة في تلك الغابة "..صاح عبًود على قرده العزيز " ميخا " حفيد قردة جدًه المرحوم طرزان العزيزة " شيتا " ليجلب له قليل من الماء...هنا أستجاب القرد ميخا لنداء عبًود برمي فردتي الحذاء بوجه عبًود ..صاح به عبود بعصبية " ولك كلتلك جيبلي ماي..مو حذاء...أنت لي شوكت راح تبقى قرد " طبعا القرد ميخا ضحك مع نفسه بشدًة لأن عبود ظنً أن رمي الحذاء بوجهه بدلا من جلب الماء كان بسبب عدم فهم القرد لأوامره "
نهض عبود الطرزاني بكسل واضح و هو يدمدم مع نفسه . فهو لم ينم بعمق أمس من كثرة البعوض و زئير الأسود و صيًاح الضباع..و فوق كل هذا و ذاك فأن الحر شديد و الرطوبة عالية . قال عبود مع نفسه " و فوك كل هالقهر لازم أروح من الصبح أجيب ماء من البحيرة القريبة حتى أغسل وجهي..و بعدين أروح أصعد كم شجرة حتى أجيب شوية موز كطعام أفطار..و بعدين أروح أديح بالغابة أدوًر على ثور أو غزال أصيده حتى أستطيع ضمان وجبة الغداء...و بعدين أروح أجيب حطب حتى أطبخ الأكل ...و بعدين تعال دوًر على فد شئ تشربه بهالغابة اللعينة...على أكثر الظن أني سأنتهي بشرب ماء جوز الهند و أبوك الله يرحمه...أما الجكاير فهاي مأساة ثانية...لازم أكعد أكمًز من شجرة لشجرة و أسوًي شغلات طرزانية مع تقليد صرخات جدًي طرزان حتى السياح في الغابة ينطوني شوية جكاير ...يا ربي شنو هالعيشة الكشرة "
نزل عبًود من الشجرة و سار متثاقلا الى البحيرة و بيده جليكانه المزروف لجلب بعض الماء..كان يمشي محاولا تجنًب الشراك التي نصبها للايقاع بالأسد " كاطع " الذي ما فتأ أن ينغص على عبًود حياته...فكل ليلة يزأر ذلك الأسد بالقرب من سرير عبود ليقطع عليه نومته " خباثة " و كل مرًة يوقع فيه عبًود بالأسد يوكله كم جلًاق و عجل و يتركه في حال سبيله ...كم يوم و يرجع كاطع الأسد لعادته القديمة...أوووف يا ربي...شلون عيشة هذه .. قالها عبود مع نفسه بحسرة...هسًة يا جدًو طرزان...مو كل الأوادم عايشة بالمدن مثل باقي خلق رب العالمين...ما تكلًي أنت ليش لزكت بالغابة ويه شيتا..يعني شنو اللي أستفاديناه من الأفلام مالتك...أشو نفخة بالبلاش و بعدين وكعت براس عبًود اللي عايش بين الحيوانات المملة و بالخصوص القرد ميخا و لا أحد يسأل عنه....شلون قهر يا ربًي.
وصل عبود الى البحيرة و حاول أن يملأ جليكانه المزروف بالماء...و حالما وضع عبًود الجليكان داخل الماء أنقض عليه التمساح الكبير الملعون " مسعور " محاولا ألتهامه...طبعا عبًود كان حذر جدا مو مثل جماعتنا ينعضًون من نفس المكان ستة الاف مرًة و بعدين ينسون...طبعا أشتغل عبًود الطرزاني في التمساح جلاليق و صفعات و ضرب العصي و الجليكان...كم دقيقة و تراجع التمساح الى البحيرة و هو يأن من شدة ألم الضرب...صاح به عبود بأعلى صوته " و الله أذا سويتها وياية مرًة اللخ لا أودي جلدك للدباغ و أخلي يسوون منه أحذية و جنط مال نسوان "...هنا ملأ عبًود جليكانه بالماء و مشى مبتعدا عن البحيرة و خطوط الماء الناضح من جليكانه المزروف تتبعه و هو يتمتم مع نفسه و يقول " شكد زعطوط هذا التمساح...ياكل ميت جلًاق و ما يتعلم...لك صدك جذب...هاي آني عايش بسيرك مو بغابة محترمة "
جلس عبًود يفكر مع نفسه و هو كئيب...حياته أصبحت مقرفة ..فالعيشة أصبحت لا تحتمل و الحيوانت أخذت وياه ميانة مو كلًش حلوة...حتى جماعة القرد ميخا صاروا يتعنطزون عليه...هذاك اليوم ما أنطوه عثك موز غير بعد ما أنطاهم باكيت جكاير...لازم أشوف حل لحياه القرف هذه
ولك ميخا...شتعتقد لازم نسوي...سأل عبود قرده المفضًل...طبعا ميخا أخذ يقفز و يؤشًر بكلتا يديه الى أطراف الغابة حيث الشلالات ليحث عبود على القفز من هناك و وضع حد لحياته و كذلك نهاية لعذابات ميخا معه . هز عبود رأسه قائلا " والله أنت صح ميخا...لازم نهاجر من هاي الغالبة التعبانة..هنا بدا ميخا بالقفز و ضرب رأسه بقوًة ليندب حظًة العاثر مع عبًود لكن عبود فهمها غلط و أردف قائلا له " طلعت أنت هم مستعجل على الرحيل أكثر منًي...يا مسكين...لا تخاف ما راح أروح أذا ما آخذك معايا "
لم يتحمًل ميخا القرد رد عبًود فأنطلق راكضا في الغابة و هو يصرخ و يولول...هنا صاح به عبًود " أركض ميخا ما وسعت قدماك...أركض و أنثر فرحك في الغابة...فأيام الحريًة قادمة "...هنا ضرًك الطير على رأس عبًود الطرزاني عملا بالمثل الأفريقي الشعبي " دفرة بيك " و لكن عبًود تفائل بضروك الطير خيرافي المساء فرش عبًود خارطة العالم و قال لميخا القرد " يللة ميخا...أختار يا بلد تريد نهاجر له " طبعا ميخا هرش شعر بطنه تعجبا من تصرفات عبًود...فمن يسمع عبًود و هو يختار من بين بلدان العالم سيظنه ألفس برسلي أو كوفي عنًان يذهب الى أي بلد يشاء من غير أن يقول له أحد على عينك حاجب...فألتقط ميخا حجارة و وضعها على الخارطة ليقول لعبًود " معوًد أحنا هنا نايمة علينا الطابوكة " لكن عبود و كعادته فهمها غلط و نظر الى حيث مكان الحجارة و قال لعبًود " ولك مسودن أنت خلًيت الحجارة على بلد أسمه العراق...ولا يهمًك...العراق تختار...الى العراق نذهب " طبعا في هذه اللحظة تغير لون شعر ميخا الى الأبيض من الصدمة بينما ظن عبًود أن هذه تغيرات فسيولوجية طرأت على شعر ميخا من شدًة الفرح "
في الصباح الباكر نهض عبًود و بعد أن أفزع الغابة جميعها بصرخات تشبه صرخات جدًه الراحل طرزان صاح بأعلى صوته مخاطبا الجميع قائلا .. آني و صديقي ميخا هذا ...و هنا أستدار ليؤشر على ميخا الذي كان يقف الى جانبه فلم يره ..تردد لحظة ثم أكمل كلامه قائلا ..قد قررنا نحن الأثنين أن نهجر الغابة و من فيها...عود شوفوا منو اللي راح يدافع عنكم وقت الشدة...أحنا رايحين و مراح تشوفون وجهنا بعد اليوم طبعا ما أن أعلن عبًود عن قرار رحيله حتى عجًت الغابة بالضجيج و الصراخ من شدًة الفرح..قاطع عبًود ضجيجهم قائلا " لا تحاولون...مراح ينفعكم النحيب والبكاء...فقرارنا نهائي " هنا لم يحس عبًود الا و عثك كامل مال جوز هند يهوي على رأسه جعله يرى الدنيا بألوان قوس قزح ثم ما لبث أن أغمي عليه
عندما أفاق عبود كان أكثر أصرارا عن ذي قبل بالرحيل عن هذه الغابة...لملم أغراضه و أغراض ميخا الذي بحث عنه في كل مكان فلم يجده ..حمل عبود جميع الأغراض بما فيها أغراض ميخا و مشى مبتعدا عن الغابة. و بعد أن سار عدًة كيلومترات التفت وراءه ليجد ميخا القرد و هو يركض ليلحق به . و ما أن وصل اليه ميخا حتى أخذه عبًود بالأحضان و قال له و هو يبكي من التأثر " ولك آني خفت لا أروح و ما تلحكني...شلون كنت راح تعيش بدوني...يا حبيبي يا ميخا " طبعا ميخا كان يندب حظًه العائر..فهو لم يقرر أن يلحق بعبًود الأ عندما أكتشف أن كل أغراضه قد أخذها عبود بما فيها فرشاة و معجون الأسنان الخاصًة به و علبة السكائر الأخيرة المتبقية مع الأثنين
مراح نطوًل السالفة عليكم فبعد أن ودع جميع من في المطار عبود و ميخا بالكثير من عبارات الوداع الحزينة " روحة بلا ردًة...مخابيل أنتو رايحين لهناك و عايفين الغابة السعيدة...ما ندري منو الغبي القرد لو صاحبه ....و غيرها الكثير من عبارات الوداع " أستقل عبود و ميخا الطائرة المتوجهه الى العراق . و بعد عدًة ساعات طويلة حطًت الطائرة أرض المطار و نزل عبًود و ميخا ...طبعا أول ما نزلوا من سلًم الطائرة لم يصدقًوا درجة الحرارة المرتفعة ..التفت عبود الطرزاني على ميخا و قال له " ولك هاي شنو...حتى بأفريقيا ما عندنا هيجي حر " طبعا ميخا تمنى لو أن بأستطاعته عض عبود عضَة قوية على هاي الورطة اللي ورًطه فيها و تمنًى لو أنه أختار عثك مال جوز هند أكبر من العثك الذي أسقطه على رأس عبًود قبل قدومهم الى هنا لكانت حياة عبود قد أنتهت و أنتهت معها مأساته الى غير رجعةأنتظرونا في الحلقة الثانية لنقص عليكم بقية الحكاية
أقرأ الجزء الثاني هنا
No comments:
Post a Comment
اهلا بكل اصدقاء العراقي