2012-07-20

حي أبن حيران

جاء في كتاب أبن بطران الزعروري أن أبن حيران زار بلاد تدعى اليابان...أعجب أبن حيران فيما حققه أهل تلك البلاد من التقدم و العمران . فهناك الشوارع النظيفة الخالية من أي بزازين ضالًة و القطارات الكهربائية السريعة الخالية من أي شخبطة على المقاعد.يكعد على المقعد و يدوس دكمة يطلعلة تلفزيون و يدوس دكمة ثانية يجي واحد يمسلحة النظارات و يقول له " تدلل أغاتي " بالياباني..تسائل أبن حيران عن السبب الذي يجعل الناس تركب الطيارات بين مدن تلك البلاد أذا كانت قطاراتهم بهذا الشكل...كعد أبن حيران يجر صلوات لمدة نص ساعة على هاي الخدمات و بعدين جرًها  لطمية فد عشر دقائق حزنا على حال بلده . كما شاهد المسكين كيف يتعامل أهل البلد مع بعضهم البعض . الكل ينحني للكل أحتراما . يدخل أبن حيران محل فينحني له أبو المحل أحتراما. يشوف أبن حيران البضاعة غالية كلًش على جيبه المزروف أصلا فيخرج بدون أن يشتري شيئا فينحني له أبو المحل مودعا...شنو السالفة؟ أشو أبو المحل ما لزك بياختي و يحاول أقناعي بشراء أي شئ حتى و لو بنصف السعر..يقف أبن حيران على ناصية الرصيف مستغربا من عادات أهل هذا البلد ...اشعل سيكارة ليتأمل في فنجانه المقلوب فيأتي أحدهم ليقول له و بكل أدب أن التدخين بين الناس ممنوع لانه يضر بصحتهم و ليقول له أن هناك كابينات مخصصه للمدخنين المحششين أمثاله ليدخنوا بعيدا عن بقية خلق رب العالمين. و بعد أن أكمل الناصح كلامه لأبن حيران جابه بفد أنحنائه محترمة أذهلت أبن حيران المسكين و جعلته يندهش من أدب هؤلاء الناس. الغريب أنه من فات المطار و لحد الآن لم ير أحد رجال الشرطة و هو يطالبه برشوة أو أحد أصحاب المحلًات و هو يحاول أن يقفًص عليه أو أحد المراهقين حاول أن يبيعه باكيت كلينكس أو حب شمسي قمر...ماكو طسًة بشارع...ماكو ترفك لايت عاطل...ماكو سيًارة تدخن...ماكو حافلة نص ردن...يفوت الى المرافق العمومية فيرى أن كل شئ هنا يعمل بالأزرار...الباب ينفتح و ينغلق أوتوماتيكيا...موسيقى تعزف له عند جلوسه على التواليت...و بعدين يمد يده ينزل صابون...يمد يده مرًه أخرى ينزل ماء ....عمي و الله ناس متطوره...مو مثلنا...نصرف مليارات و بعدين ماكو حمام عمومي في أي من شوارع العاصمة.عمًي و الله صدك هذولة ناس محترمين " يقصد اليابانيين في النص الأخير ".
 و هناك و يشوف أبن حيران مظاهرة و الناس شايله لافتات مرسوم عليها مكعبات و مربعات مال جلكة وهم يهتفون و يصرخون و يزعقون....حلووووو....بالأخير هم طلعوا اليابانيين مثلنا....هم يطلعون مظاهرات و يهوسون...بس لحظة...أشو حال البلد في أحسن حال و كلشي ماشي تمام...حتى ابو المحل اللي ما أشترى منه أي شئ أنطاه جكليته من طلع برًة...زين ليش هذولة المسودنين طالعين مظاهرة...فرك أبن حيران رأسة متسائلا ...جر واحد من الربع المشاركين في المظاهرة و قال له " عمي شنهي السالفة...شنو سبب الهوسه هذه ؟ " ...شرح له الياباني البطران المتظاهر " بعد أن أنحنى لابن حيران طبعا " أن الحكومة اليابانية اللي ما تخاف من الله صلًحوا المفاعلات النووية التي تولد الطاقة الكهربائية و التي تضررت جرًاء الزلزال الأخير و هم يحاولون الآن تشغيلها و توفير الطاقة الكهربائية لكل المناطق و رفع التقنين أبو 10% الذي فرضته الحكومة على الجميع في أستخدامهم للطاقة الكهربائية
هناك حك أبن حيران شعر رأسه و شعر رأس المتظاهر الواقف الى جانبه من شدة العجب...سأل أبن حيران المتظاهر " بدون أن ينحني له " قائلا...و لك مسودن...و شنو الغلط بهاي المسألة....هنا أنحنى المتظاهر البطران لأبن حيران مرتين و قال له " أخوية أنت مبين غشيم....هاي المفاعلات النووية تشكل خطرا على الصحة العامة...و شفت النتيجة من صار الزلزال...كلنا كعدنا نصلًي لبوذا حتى لا تطك المفاعلات و تسبب كارثة لا يعلم بعواقبها الا الله فأحنا ما نريدها و لا نريد الكهرباء اللي تجي منها "
هنا جن جنون أبن حيران...و بعد أن أخذ يسب و يلعن اليوم اللي شاف فيه وجوه أعضاء حكومة الفرهود في بلده المكومر أخذ يخطب باليابانيين المتظاهرين قائلا " و لكم مسودنين ....أحنا صارلنا ثمان سنين نتوسل على الكهرباء...سواء تجي بطاقة نووية أو بطاقة بعرورية ما يهم...سواء بحرق طاقة الزفت الاسود أو بقدرة دعاء القرد الأخرس ما يهم...و أنتو البطرانين ما راضين...زين لو أنكطعت الكهرباء و أنتو داخل المرافق الصحية أم الموسيقى شلون راح تتحملون بدون موسيقى...و الباب الأوتوماتيكي مال المرافق الصحيًة شلون راح ينفتح حتى تطلعون برًة و لو الواحد يتمنى ينام بمثل هيجي حمام...و شلون راح قطاراتكم الكهربائية أم التلفزيونات راح تمشي..و لكم أحنا ثلاجاتنا صارت كناتير من قلًة الكهرباء " ...و لكم صدك البطران ما يعرف بحال الحيران... هنا سمع أحد اليابانيين و هو يجر صلوات عند سماعه لجملة أبن حيران الأخيرة لكن من حوله أسكتوه بالقوة بعد أن أنحنوا له "...و أردف أبن حيران صارخا بوجه المتظاهرين  " أشو أحنا معلكين صور القادة و السادة و المقلًم و لا أحد من هؤلاء يشفع لنا و لا كهرباء و لا ماء و لا هناء لنا...و أنتوا ما شفت صورة واحدة لأمبراطوركم و خلف وجهه هاله من نور معلكة بأي دائرة أو محل أو موقف باص و حال البلد ماشي مثل الساعة...و لكم أنتوا ما ينرادلكم غير طراطير حكومتنا تجي تحكمكم حتى تحسًون بالنعمة اللي أنتوا فيها "
طبعا ساد الصمت الرهيب على المكان....و بعد أن نظر الجميع في وجوه بعضهم و هم يتفكرون بما قاله أبن حيران أخذ الجميع يتهامس فيما بينهم...و بعد أن أنحنى الجميع بدون أستثناء أنحناءة عظيمة لأخينا أبن حيران...هجم الجميع عليه و أنشال أخينا أبن حيران و أنشمر بأول حاوية زبل قريبة من المكان...لان لا أحد من المتظاهرين صدًق رواية أبن حيران أو أستطاع حتى أن يتخيل أن هناك بلدا يعيش فيه أبنائه بمثل هذا الذل....كلًه صوج أبن حيران... كان المفروض أن ينحني لهم و يحلفلهم بالعباس أنه كان ينطق صدقا حتى تكون روايته مقنعة...لعد شنو..قابل اليابانيين يقتنعون بسهولة من أول خطبة مثل ما أقتنعوا أبناء وطن أبن حيران عندما حلف لهم أحد سفهائهم أن كل الأمور ستنصلح في مائة يوم
و يكمل أبن بطران الزعروري في كتابه عن رحلة أبن حيران كاتبا ..
 و بعد أن رجع أبن حيران الى بلده و عندما حطت رجله أرض مطار الوطن أشتغلت رحمة الله ..موظف الجواز يطلب منه أن يلعًب أيده...الحمال يطلب منه بخشيش...الشحاذ يطلب منه فد صدقة قليلة ...التاكسي مضى به الى بيته في شوارع مليئة بالطسًات و الحواجز الكونكريتية و المفارز..الحواء الحار المخلوط بالغبار يتصاعد من الارض المسكينة التي تستصرخ و تطلب الماء...ابو التاكسي اللي كعد يجر مناحة مع السي دي اللي مشغله بالسيارة لاحد الرواديد العظام...وصل أبن حيران لبيته فخرج جميع من في الحي يحيونه و يباركون رجوعه بالسلامة...هنا صعد صاحبنا أبن حيران على حائط بيته و هتف بأبناء محلته الذين خرجوا لأستقباله قائلا " ولك هم أحنا حاسبين نفسنا عايشين...و لك هناك أكو ناس عندها كلشي و فوكاهه ما يريدون كهرباء نووية...و أحنا كاعدين على بحر من النفط و الجماعة يشفطون فلوسنا و أحنا كاعدين نتوسًل على شوية كهرباء...ولك هناك المرافق الصحية تعزف لك الموسيقى...و هنا حتى مرافق المستشفيات طافحه حتى تزيد الامراض أمراض...ولك شوكت نصحى و نحس على اللي ديصير بينا و نصلح من أنفسنا...مو كافي حرمان و سكوت عن حقوقنا ...مو كافي نتوسل باللي دا يسرقنا حتى ينطينا من فتات ما سرق...ولك حتى القطارات بيها تلفزيونات و أحنا قطاراتنا ما بيها مقاعد مال أوادم ...شنو أنتو ما تحسًون !!!؟؟؟"
هنا سكت الجميع و أخذ بعظهم يتهامس مع البعض الآخر...نظر بعضهم الى البعض الآخر و بعدين نظر الجميع الى أبن حيران...و هنا و في سرعة البرق أنشال أبن حيران و أنشمر بأول برميل زبل و بدون أن ينحني له أي أحد مثلما فعل الجماعه معه في اليابان...فقد ظن الجميع أن عقله قد أصابته لوثة...شنو مراحيض تعزف موسيقى...شنو ناس ما تريد كهرباء...شنو قطار أبو التلفزيون..و أتفق الجميع على أن أبن حيران لو باقي بين أبناء محلته و في بيته و مدينته لما أصابه ما أصابه من الجنون..و منذ ذلك اليوم أخذ الناس ينادون أبن حيران بأبن خرفان نتيجة الخرف الذي يظنون أنه أصيب به...و المسكين صاحبنا أبن حيران يحلف لهم بالله أنه صادق فيما يقول لكن لا أحد يصدقًه...جارته أم رسمية أخذت تدعوا له بالشفاء في كل خطوة تخطوها في مسيرتها المليونية الشعبانية المباركة...أما جاره أبو مقداد فقد زار السيد و ربط له خركة خضراء على شباك السيًد متأملا له قريب الفرج...أما البعض الآخر فقد أقسم أن القاعدة جندته و أرسلته ليثير الفتن بين أبناء المحلًة الواحدة
و هكذا سمي الحي الذي يعيش فيه صاحبنا  بحي أبن خرفان و نتيجة لتلك التسمية تحولت حديقة الحي الخضراء التي كانت المتنفس الوحيد لابناء المحلة لساحة لبيع الخرفان...يلله هو البلد كلة خرب بقت على حديقة الحي
و هكذا روى لنا أبن بطران الزعروري قصًة أبن حيران الذي ظلً و لآخر أيام حياته يقسم للجميع أنه لا يعاني من أي خرف و أنه العاقل الوحيد بين أبناء المحلًة و لكن لا أحد يصدقه...ففي النهاية تبين أن اللي عنده شعر بين الصلعان فهو الشاذ الوحيد بينهم
كل رمضان و أنتم بخير

الركي الياباني

شكد الجماعة بطرانين