وصل عبود و ميخا الى ضابط الجوازات. سأل الضابط و بصوت عال " شكو جايب وياك هالحيوان ؟"..هنا أسهب عبود في شرح العلاقة بينه و بين ميخا و كيف أن جدًه طرزان أوصى بشيتا و أحفادها خيرا و كيف أنه وعى لهذه الدنيا و لم يكن له صديق فيها غير ميخا و....هنا أسكته الضابط و قال له بصوت غاضب " أنت ليش حجيت...آني كنت دا أسأل القرد مالك...أنت شنو اللي حشرك بالنص ؟ "...ميخا في داخله خرب من ضحك و تفائل بهذه البداية
أردف ضابط الجوازات قائلا لعبًود الطرزاني " يلله...لعًب أيدك حتى أطمغلك الجواز " ..نظر عبود الى ميخا ثم وقف الأثنان على أيديهم و ساروا عليها ثم قفز الأثنان ليتعلقوا في المروحة السقفية و يقوموا بحركات بهلوانية بأستخدام الأيدي ثم نزلوا الى الأسفل حيث كان ضابط الجوازات بأنتظارهم...قال لهم الضابط " شنو جنابكم دا تلعبون ويايه...هسًة أشوًفكم اللعب على أصوله "
و بعد عدًة ساعات خرج عبًود و ميخا من المطار بعد أن أصطبغ جسم الأثنان باللون الأحمر فيما ظهرت بعض الدوائر السوداء حول أعينهم...ميخا طبعا لعن اليوم الأسود الذي رأى فيه عبًود و أصبح حيوانه المفضًل
أقترب أحد الأشخاص منهم و سألهم " تاكسي ؟" فردً عليه عبود قائلا " لا عمًي ...أفارقة "...فقال لهم الرجل ...لا لا ...قصدي تريدون تاكسي فأجابه عبود ...لاء ..ما عندنا فلوس نشتري تاكسي...هنا لطم ميخا على خدوده المصطبغة باللون الأحمر فأزدادت أحمرارا
عمي قصدي تريدون تأجرون تاكسي حتى توصلون لفد مكان ؟..نعم أجابه عبًود...نريد مكانا نسكن فيه . فأجابهم الرجل..و لا يهمكم...آني أعرف بيت للأيجار...بس يا منطقة تريدون ؟ عبًود شرح له بأنه يبغي مكان حار و مكسًب و رخيص...ضحك الرجل و قال لهم " هذا المكان تلكونه بس بالقمر "
أنطلق بهم صاحب التاكسي الى منطقة شعبية محاولا أيجاد مسكن للأثنين.وصل صاحب التاكسي الى مكان تملأ شوارعه المياه و قال لهم " يمكن هنا راح تلكون أرخص بيت " نزل عبًود و ميخا من السيًارة و نظروا الى الشوارع المليئة بالمياه ...قال عبود لصاحب التاكسي و هو يخوض في المياه " لا تخاف عمًي ..تره أحنا نعجبك..يا ما خضت بمياه مليئة بالأفاعي و التماسيح فهذا النهر لن يخيفني " بينما ميخا ينظر اليه و هو يقف على اليابسة رافضا الخوض في المياه . قال له صاحب التاكسي " بس أراهنك أنك ما خضت بمياه مجاري مليئة بالأمراض و العفونة مثل هذه " هنا خرج عبًود راكضا الى اليابسة و هو يدردم و يلعن الساعة التي قرر فيها أن يخوض في هذه المياه " هاي شنو...يعني مياه المجاري مالتكم تنتهي في الشوارع ؟؟؟!!!" صرخ عبود مستغربا فأجابه صاحب التاكسي " لعد شعبالك...أنت مدا تشتم الريحة...شنو عبالك هاي ريحة ماي ورد ؟ "
قال عبًود لصاحب التاكسي بكآبة واضحة " لا عمي لا...بس ما كنت أتصوًر أن البشر هنا يعيشون بجانب مياه المجاري...عمي حتى أحنا بالغابة ما عندنا هيجي شئ "
تعاطف صاحب التاكسي مع عبود قائلا " أخوية...آني اليوم رايح آخذك لبيت قريب من بيتي مال أخوية اللي بالخارج...أكعد بيه كم يوم الى أن تلكي فد مكان يحويك و يحوي هالمسكين اللي مجرجره وياك "...هنا شعر عبًود و لأول مرًة بطيبة أهل هذا البلد بينما بكى ميخا على ما آلت اليه أوضاعه كقرد محترم
رمى عبود و ميخا أغراضهم في البيت المهجور و حاولوا أخذ قسط من النوم لكن البق و الحر و زعيق الأطفال منعهم من ذلك..ميخا حاول أيجاد أي شئ ثقيل كمزهرية أو دبًة غاز أو طاولة ثقيلة ليهوي بها على رأس عبود على هذه الورطة التي أوقعه فيها لكن البيت كان مهجورا و خاليا من أي أثاث
وبعد عدًة ساعات نهض الأثنان و قد أعياهم التعب و الحر الشديد . فتح عبود صنبور المياه ليشرب بعض الماء فهاله ما رأى..الماء كالطين في لونه و له رائحة عفنة جعلت ميخا يلطم على وجهه ...التفت عبود الى ميخا و قال له " يا فحل...لو أموت من العطش ما أشرب من هالماي "...خرج عبود يبحث عن ماء فشاهد أحد المارة الذي أخبره أنه من مدينة أسمها الناصرية...سأله عبًود أين يجد بحيرة ليشرب منها ماء عذبا...ضحك الأخ اللي من الناصرية و قال له " بوية...أسأل عن بحيرة ساوه ..و من توصلها أشرب منها ماي و أدعيلي...و أذا ما تعرف وينهه أسأل عمو كويكل...هو يدلًيك عليها "...هرش عبود شعر رأسه و شعر راس ميخا فهو لم يفهم شيئا مما قاله له الأخ أبو الناصرية
صعد عبود على أول نبكة صادفها و جال بنظره يمينا و شمالا...شاهد التانكيات على أسطح المنازل و بعضها ممن يمتلك أصحابها ماطورات سحب الماء قد ملأت بالماء...قفزة طرزانية واحدة و كان هو و ميخا قد حطًا على أحد التانكيات و بدأوا بشرب الماء...ميخا كان يشرب الماء و يندب حظًه الأغبر فقد كان الماء ساخنا من شدًة الحر و قوة أشعة الشمس التي ضربته أما عبود فكان يتظاهر بأن الماء لذيذ خوفا من أن يفصح عما في داخله من أشمئزاز فيشبعه ميخا ضربا
نزل الأثنان الى الدار ثانية و ما هي الا لحظات حتى أخذ عبًود يتأوه من شدًة الام المغص...يا للعنة ...ربما كان هذا الماء غير صالح للأستهلاك البشري ...طبعا ميخا لم يعرف هل يفرح بمأساة سيًده عبود عقابا له عما أوقعهم فيه أم يسكت خوفا من نفس مصير عبًود لأنه هو كذلك قد شرب من نفس الماء...و لحظات و كان ميخا هو الآخر مطروح أرضا يتلوى من شدًة الألم
صرخ عبود بأعلى صوته طالبا المساعدة من الجيران...جاء جميع الجيران على صوت عبود الذي طلب منهم أن ينقلوه هو و ميخا الى حكيم الغابة ليشفيهم مما هم فيه....هنا وضع الجيران ميخا و أنطلقوا به الى المستشفى...في منتصف الطريق المملوء بالطسًات و الحفر و المفارز تذكروا أنهم نسوا عبًود ...عاد الجميع أدراجهم و سلكوا نفس الطريق الملئ بالطسًات و الحفر و المفارز ليأخذوا عبًود معهم. وصل الجميع الى المستشفى و أحس عبود أنه لم يبق من عظام جسمه عظم سليم من جرًاء الطسًات و الحفر...أما ميخا فقد فوًض أمره الى الله بعد أن أدرك أن قواه قد خارت و أنه لن يستطيع أن يحرك يده التي تمنى لو أنه يستطيع أن يحركها ليهوي بها على رأس عبود
جاء الطبيب الذي مضى على تخرجه عدًة أيام و فحص عبًود و ميخا و شخًص علتهم قائلا للجميع أن عبًود يعاني من مرض عرق النسا و يجب عليه أجراء عملية في الدماغ أما ميخا فالاكثر أنه يعاني من مرض " أنفلاونزا الدجاج " و يجب أخضاعه للعلاج بالأبر الصينية
عبود و ميخا تحاملوا على آلامهم و وضع عبود ميخا على ظهره و أنطلق راكضا لا يلوي على شئ...ركض الجميع ورائهم مؤكدين لهم أن العلاج غير مؤذي و لا يستوجب كل ذلك الخوف. هنا أخذ ميخا الذي كان محمولا على ظهر عبود باللطم على وجهه مما آلت اليه أوضاعه في هذا البلد . دقائق و التفت ميخا ورائه ليرى جموع غفيره تتبعهم و هم يلطمون على وجوههم و ينتحبون. طبعا أرتعب عبود و ميخا من هذه الجموع و زاد عبًود من سرعة ركضه . سمع صوت عجوز و هي تصيح به " وليدي على كيفك...مدا نكدر نلحك بيك...بس كوللي على يا أمام طالع بينا " ...عبود مثل طرزان بالزفًة لم يفهم أي شئ أما ميخا فقد أسلم مصيره الى خالقه
و بعد عدًة مناورات و حركات طرزانية أستطاع عبود و ميخا من التملص من الجموع الغفيرة التي كانت تركض ورائهم . جلس الأثنان على حافة الرصيف و هم في حالة ذهول
عبًود باوع على ميخا و هو تعبان و مذهول و قال له " تعرف يا فحل...صدك أنظربنا بوري...ولك من كان جدي طرزان الله يرحمه يكول " اللي يطلع من غابته يطيح حظ اللي خلفوه " ما كنت أصدًك ...لك شنو اللي صار حتى هذا البلد يصير بهالشكل...طبعا ميخا تمنًى لو أنه يستطيع الكلام...لكان أسمع عبود كلمات ليست كالكلمات على كولة ماجدة الرومي . هنا مرً أحدهم فأوقفه عبًود و سأله أن كان هناك القليل من الموز لأنهم لم يأكلوا طعام الأفطار منذ مدًة..باوع عليهم الرجل الذي أوقفوه و هز يده و قال لهم " صدك مكدي و عليجتة قديفة...يعني كاعدين ماعندهم مأوى و يريدون يتريكون موز " أنقهر الرجل من منظر المساكين فناولهم جكارة تلقفها ميخا بشهيًة تاركا عبًود يشم الكطف
و هنا و طبكت سيًارة و نزل منها أربع مسلحين باوعوا على عبًود و بعدين باوعوا على ميخا. أحدهم قال " مبيًن هذا المتروس شعر يسوى أكثر من صاحبه " ..شالوا ميخا و حشروه في السيًارة و أنطلقوا بأقصى سرعتهم...هنا صاح عبًود الطرزاني صيحته المعروفة و بحث عن حبل معلًك حتى يتعلًك بيه و يلحك الجماعة بس هيهات..ماكو غير وايرات الكهرباء المتشابكة المتصلة بالمولًدة و التي تبيًن لعبًود أنه لا بيها راس و لا أساس
طبعا خطيًة عبود تخبل..هذا وين يكدر يعيش بدون ميخا...صار يركض مثل المخبًل بالشوارع هذا اللي يقول له " فوًض أمرك لله " و ذاك ينصحه أن يزور الكاظم و يدعوا لعودة ميخا و ثالث نصحه بأن يبحث له عن حيوان اليف آخر و ينسى ميخا الى أن جاء لأحدهم و الذي كانت تبدو على محيًاه علامات الورع و التقوى فقال لعبًود " شوف مولانا...دجر صلوات فد عشر دقايق " طبعا عبود ما أفتهم شئ بس أخذ يردد ما يردده ذلك الرجل الورع. و عند أنتهاء العشر دقائق نظر اليه الرجل التقي و قال له " مبيًن أنت رجل كلش طيب و لهذا و حتى تكسب حسنات أكثر جر صلوات فد ربع ساعة " ..صاح به عبود " عمي ...آني هسه أريد ميخا و بعدين عود أدوًر حسنات " فصاح به الرجل الزاهد قائلا " هاي أنته شبيك...أذا مستعجل كلًش هواية طلًع المقسوم بسرعة حتى ناخذك لبعض المتنفذين في أحزاب الحكومة و يطلعون القرد مالك...من سودة بذاك اليوم اللي شفت بيه خلقتك و خلقة اللي دزًك علي "...شرحه له عبًود أنه لا يملك من حطام الدنيا غير ميخا و بعض هدوم و صور لجده طرزان في بعض أفلامه و شويًة الماس ورثهم عن جدًه طرزان " طبعا الرجل الورع كلًش من سمع بطاري الماس كعد يجر صلوات فد ربع ساعة و قال لعبًود...خلص أبني..آني هم أنقهرت عليك...راح أبقيلك الهدوم و الصوًر و آخذ الألماس "
و في خلال ساعات و بعد عدًة أتصالات ببعض الرؤوس الكبيرة المتنفذة في الدولة و بعد أفرغ محتويات كيس الألماس مال عبًود رجع ميخا الى عبًود الطرزاني سالما غانما بس تعلًم الأدمان على المخدرات من سجانيه القساة
طبعا عبًود لم ينتظر و لا للحظة...أخذ ميخا و شويه الصور الباقية عنده مال جده طرزان و شليييييع على المطار عائدا من حيث أتى.
في الطائرة جلس عبًود يفكر بما حلً به في ذلك البلد الغريب. الجالس على يمينه في الطائرة كان رجل أعمال من نايجيريا سأل عبًود عن أنطباعه عن زيارته للعراق. طبعا عبًود باوع على النايجري لمدة دقيقتين...ثم أجهش بالبكاء كالطفل . طبطب عليه رجل الأعمال النايجيري و قال له " أي أبني...آني هم مثلك...هم ردت أبكي من شدًة الفرح...رحت بعت لهم قطارات و طيًارات على الورق و قبضت عليها ملايين الدولارات على لا شئ...وين تلكي مثل هيجي حكومة طراطير و مسئولين ما يعرفون غير اللغف ...حقك أبني تبجي من الفرح "
طبعا هناك و سمع صوت صراخ النايجيري و هو يتلقى الجلاليق و المحموديًات من عبود..قضى على أثرها عبًود بقية الرحلة مقيدا من قبل أمن الطائرة لحين وصوله الى بلده بينما تشفى ميخا بما حصل لعبًود
مرت الأيام و الشهور و الغابة كلها تعيش في سعادة و حبور. فبعد أن رجع عبًود االى الغابة توًج ميخا ملكا على الغابة حيث قرر عبود أن يعتزل هذا المنصب . عبود كان سعيدا بحاله. يقال أن كل يوم يقضي عبًود يومه في الغابة و هو سعيد بمضايقة الحيوانات له. حتى يقال أن عبًود شوهد و هو يقبًل رأس الثعبان الذي يحاول مرارا و كل يوم أن يلدغ عبود و هو يقول له " العيشة في الغابة مع لدغاتك أحسن بألف مرًة من العيشة خارجها " . الصحافة العالمية في بلد عبًود أجرت معه عدًة لقاءات لمعرفة سبب تنحًي عبود عن سيادة الغابة و لماذا أعطى تلك السيادة لميخا فكان عبود يجيب "يعني كل القرود اللي شفتها بالبلد اللي زرته صاروا أصحاب مناصب..بعد ليش نستكثر هذا المنصب على ميخا...بعدين عمًي ...تره شعراية وحدة من شعرايات ذيل ميخا تسوه ألف راس من طراطير حكومة البلد الذي زرته..ليش بعد ما يصير سيًد الغابة "
السؤال اللي كان محيًر كل حيوانات الغابة هو " ميخا كان من فصيلة الشامبانزي...بعد يا شعر و يا ذيل يقصد بيها عبود في تصريحه أعلاه "...نترك الجواب للأذكياء من القرًاء
فاصل تلفزيوني : المذيعة تسأل و على الهواء الرجل الورع الذي توًسط بأطلاق سراح ميخا عن رأيه بنتائج اللجنة التي أختارت أحسن مدن في العالم للعيش فيها و لم تكن أي مدينة عراقية من بينها فأجابها الرجل التقي قائلا ..." و الله عمًي هاي معروفة...تره أحنا عندنا معلومات مؤكدًة أن كل أعضاء لجنة الأختيار هم من فلول البعث و القاعدة ...بعد شلون تريدوهم يحجون الصدك...و الله ثم و الله..ماكو حكومة بالعالم تشتغل لشعبها مثل حكومتنا "...و على عنادك عبًود
ميخا بعد أن وفقه الله ..أضرب بيها عمًي