2011-04-26

يوم كروي كانه الدهر

بعد الظهر و بعد غذاء دسم من يد الحجيه مما رزقنا الله من كرفس و خبز و بعض التمر قررت ان استريح من تعب البقاء في البيت بلا شغل و لا مشغله. و حالما اصبح جسمي موازيا لللحاف و عموديا على ارجل الفراش رن جرس الهاتف الغير محمول. لا أدري من كان صاحب الدم البارد الذي يتصل بالناس بعد الساعه الواحده بعد الظهر. نهضت متثاقلا و انا ادردم و التقطت سماعه الهاتف

انا : الو منو شتريد

المتصل : ولك لبيب شلونك

انا: الحمد لله...منو

المتصل: ولك هاي شنو لبيب...يعني اعرفك مطفي ...بس كلت بلكت شويه اوضاعك
تحسنت...شنو ما عرفتني

جنابي : لا و الله ما عرفت...هوايه يصيحولي مطفي...انت منو منهم

المتصل: ولك آنه اللي كنت جيرانكم ايام زمان...شمخي

انا: هلا بشمخي...شلونك و شلون الاهل...لحظه...شمخي منو

المتصل : ولك شبيك...آنه بسمار اللي غيرت اسمي الى شمخي بعد ان تطورت الدنيا بي و اصبحت تاجر الياف

انا : ولك هلو بسمار..اسف شمخي..شلونك و شلون الاهل...ما شاء الله صار اسمك شمخي و هم فوكاهه صاير تاجر مال قابلات الياف ضوئيه


شمخي: و لك شنو تاجر الياف مال ضوء...و لك هو الضوء هم بيه ليف..ولك الظاهر انت بعدك مطفي...اكولك تاجر الياف...ليًف مال سبح...من تفوت للحمام و و تغسل جسمك بيهه


انا: اسف شمخي...الواحد من قله الكهرباء و الحر كام يخبط شيش بيش


شمخي " بسمار سابقا " : شوف لبيب...باجر اكو مباراه بكره القدم و عجبني اعزمك عليها...ما ادري ليش انت اجيت على بالي...تجي ويايه...اني عازمك


انا : صار استاذ شمخي...ما عندي اي مشكله او اي اجتماع خارجي يعيق ذهابي معك...وياك لكطع النفس


شمخي: لعد صار...راح امر عليك باجر بعد الساعه الثانيه و آخذك ويايه


انا: صار شمخي...نشوفك باجر باذن الله


و هكذا عدت انسانا جديدا بعد ان ادركت ان هناك من يهتم بي و يعزمني على مباراه بكره القدم...انا معزوم...اذن انا موجود... حتى و ان كانت هذه العزومه جاءت من احد جيراننا ايام زمان و الذي كان قد طرد من المنطقه بعد امساكه بالجرم المشهود و هو يسرق دجاجات جارتنا ام عدنان

و هكذا و في اليوم الموعود لبست القميص الازرق المخطط ابو ثلاثه ارباع الردن و الشورت الوردي الفسفوري و اخذت معي علم أخضر وجدته على سطح جارتنا نشميه الخبازه و اعتقد انه شعار مال نادي يوفنتوس القذافي ولم انسى الجوارب الطويله الانيقه الحمراء المخططه باللون الاصفر و المطرز عليها علامه بيبسي كولا . و هكذا ارتديت ابهى حله لهذه المناسبه العزيزه التي لا تاتيني سوى مرات محدوده في العمر


جائني الاستاذ شمخي في الموعد المحدد على غير عادته التي اعرفها عنه .ركبت معه سيارته الفارهه المزينه بلصقات و ميداليات على شكل ليف سبح..استغربت من عاده بسمار هذا في تمجيد الليفه....حتى ماسحات الزجاجه الاماميه قد وضع ليف بدل لاستيك الماسحات كما لا أدري من اين اتي بكل هذا المال ليشتري مثل هذه السياره..يلله...هسه تحجي يكولون حسد عيشه... انطلقت بنا السياره الى الملعب و وصلنا في الوقت المحدد...راينا الناس تتوافد على الملعب افواجا افواجا....كل قد جلب معه اشياء للاحتفال بهذه المباراه...من الطبول و المزامير مرورا بالقامات و السكاكين و ليس انتهاءا بمفرقعات جميله على شكل قنابل و رمانات يدويه لا اعتقد انها حقيقيه لان اكيد الجماعه مزاحههم ليس ثقيلا الى هذه الدرجه كما اظن

جلسنا انا و شمخي على المصاطب بعد ان اشترى لي ايس كريم و باقلاء بالدهن و بعض الاحجار قال لي انها مكسرات. و اخذت الناس تتوافد على الملعب حتى غصت بهم المدرجات. جلس خلفي احد المشجعين و بيده طبل من الحجم الكبير. الظاهر الاخ خريج جامعه حمديه صالح . التفت عليه و سألته بكل أدب " أخي خو ما هذا صوته عالي " اجابني الاخ الخريج انه لا داعي للقلق فانه مجرد طبل كنك سايز و كما يقولون بالامثال لا تهتم بفلان لانه مثل الطبل" فالطبل ما ينشال له هم ...اقنعني الاخ الخريج بجوابه المفعم بالموده

دخلت دبابه امريكيه الملعب تستعرض قبل دخول الفريقين. التفت الى شمخي و صرخت من الخوف...آنه أخوك يا شمخي..الظاهر راح تعلك قصف...ضحك شمخي و اشار علي بالجلوس قائلا بانه أستعراض و لا داعي للقلق. هنا تخيلت انه سيدخل مع الدبابه فتيات الاستعراض كما نشاهدهم من على شاشات التلفزيون لكن سرعان ما خاب ظني بعد ان شاهدت طابورا من الملالي يمشون وراء الدبابه في استعراض مقرف. اخذ الخريج الجالس خلفي بالدق و بقوه على الطبل . جفلت عندما بدا عزفه يشاركه خريج ثاني من نفس الجامعه على اله البوق و خريج ثالث على تنكه قديمه لم ارهما عندما رايت خريج الطبل . كادت طبله اذني ان تتمزق من عزفهم. اخذت اصيح بهم ان يتوقفوا عن هذا الازعاج. امتثلوا حالا لمطلبي و بكل ادب . و قبل ان اشكرهم على تفهمهم للموقف انفجر الثلاثه بالضحك و باشروا العزف من جديد بعد ان تكلموا بعبارات لم اسمعها " او بالاحرى تظاهرت باني لم اسمعها " و بوتيره عزف اعلى من السابق


جلست في مكاني و انا ادعوا من الله ان تتمزق طبله هذا العازف و ان يشتهي عازف البوق ان يدخن سيكاره طويله جدا حتى انعم ببعض الهدوء و لكن من غير بارقه امل


دخل الفريقان ساحه الملعب و اشتغل ركع الجيلات و العيارات الناريه. لم افهم سبب هذا الاحتفال و المباراه لم تبدا بعد. اما ابو الطبل و البوق و التنكه الجالسين خلفي فقد اجتاحتهم هستريا العزف بشكل غير طبيعي عند سماعهم الاطلاقات الناريه لسبب لم افهمه. سالت شمخي و انا اصرخ حتى يستطيع سماعي عن كيفيه التخلص من هؤلاء العازفين . قال لي و بصوت عالي " روح لجيش المهدي و انته و حظك " ....شنو علاقه جيش المهدي بهذه المساله و اين حرس الملعب و شرطته اذن...سالت شمخي .. فنظر الي بنظره لم افهمها و قال لي...انت الظاهر صاير مطفًي اكثر من الاول


كانت ملابس الفريقان غير متجانسه...خليط من الملابس...لم ار بحياتي زي فريق مثل هذا...فهذا من يلبس عمامه و دشداشه سوداء و هذا من يلبس شروال و اخر قاط و سداره...خليط لم افهمه...ربما انها موده جديده للتعبير عن تضامن الفريق مع مكونات الشعب العراقي...من يدري


بدات المباراه بهجمات قويه على مرمى الفريقين و الجماهير تصيح و تصرخ و تشجع و خصوصا فرقه جالغي حمديه صالح الجالس خلفي. الحقيقه لم افهم من يهجم على من. فقد كنت ارى نفس اللاعب يهجم تاره على المرمى في جهه اليسار و مره على المرمى من جهه اليمين . هناك سجل احدهم هدف. أخذ قسم من الجماهير يصيح و يرقص بينما اخذ القسم الاخر بكيل الشتائم و الصراخ. فرقه جالغي حمديه صالح لم تتوقف عن العزف علما انهم كانوا جالسين مع القسم الغاضب . التفت عليه و سالتهم و هم يعزفون بهستيريا " يا جماعه انتو ويه يا فريق...اخاف كاعدين هنا بالغلط. " و تمنيت انهم فعلا جالسين في الجهه الخطأ و لكن عازف التنكه خيب ظني عندما أجاب " احنه جايين نعزف و بس...ما النه اي علاقه باللي دا يصير على الملعب " لا حول و لا قوه الا بالله...هذوله شلون ورطه


بدأت الخشونه تطغي على اللعب و بدأ تشجيع الجماهير يتخذ منحا عدائيا. و هناك سجل احدهم هدفا اخر. صرخت الجماهير بهستيريا و ارتفع عزف خريجو جامعه حمديه صالح. هنا رأيت شمخي و هو عصبي و غاضب. التفت علي و صاح بي " وين المكسرات " اجبته بسرعه " ليش ؟" فقال حتى نرميها على الفريق الذي سجل الهدف و نكسر رأسهم..لعد هيه ليش اسمها مكسرات . اجبته بخجل " شمخي انته قلت هذه مكسرات و انا ظننتها مكسرات من فصيله الفستق و البندق و اكلتها " . اخذ شمخي يهرش راسه و هو غاضب مني على اكل الاحجار و التي يسميها هو مكسرات و متعجب كيف استطاعت اسناني تكسيرها و فمي من مضغها. و الله اني هم بالبدايه قلت مع نفسي شلون مكسرات قويه و تلعب النفس بس استحيت من شمخي و قلت الرجال مشتريلي اياها و صارت عليه زحمه شلون اخجله فأكلتها .. و استمرت المباراه و استمرت معها الخشونه . و العجيب انه كلما زادت هجمات الفريقين كلما وقع عدد كبير من المشجعين ضحايا هذه المباراه....الموت بدأ بحصاد مشجعي الملعب ...خفت خوفا شديدا و قلت لشمخي ...ولك خلي نكلب اشو هاي صارت من صدك ...هدأ شمخي من روعي و طمأنني ان لا مكروه سيمسسني و انا معه ...و انا اقول له ان من سيمسسني هو الجنون بعينه مما أرى ...و بعد دقائق ثقيله مرًت علي اعلن عن نهايه الشوط الاول


الشئ الغريب انه لاحظت وجود فرق نظافه متخصصه استمرت في عملها حتى في فترات الاستراحه. كانت هذه الفرق و التي مكتوب على ملابسهم " الجلبي لتنظيف كل شئ " تعمل و بهمه و حتى قبل ابتداء المباراه و كانت تنظف كل شئ حتى جيوب المشجعين...شوفوا شلون تفاني و اخلاص. حتى ميداليه شمخي اللي على شكل ليفه صغيره منقوش عليها اسم شمخي نظفوها و اني خفت اكلله لشمخي حتى لا يكتشف الفاجعه و يصاب بارتعاش عضلي في شعر الحواجب


استمرت جامعه حمديه صالح بالعزف. الحقيقه اعصابي اتحطمت فانداريت عليهم و صرخت بيهم ...بابا ...كافي تغريد مو كتلتونا ...دشوفوا الناس شصار بيهه و انتو كاعدين تطبلون...و هنا اشتغل البوس و الحضن...هذا اللي يكلي انت بعثي صدامي و الثاني يكللي انت وهابي و الثالث يكوللي انت من جماعه البقر لو من جماعه الثخين و اشتغل الحضن و البوس بشكل غير اعتيادي الى ان خلصني منهم شمخي بعد ما اقنعهم اني واحد مطفي و اني الوحيد لامي و على راس سبع ولد


و قبل بدايه الشوط الثاني بدقائق دخلت همر امريكيه يرافقها جوقه من راقصي حرس الشرف الايراني..ايضا لم اجد اي فتيات استعراض كما نشاهدهم من على شاشه التلفزيون.سألت شمخي لماذا لا يوجد فتيات استعراض حتى تكتمل صوره الاستعراض الامريكي فأجابني قائلا...لبيب انت صدك مطفي...فتيات المتعه تارسين الملعب ببركه الجهه الراعيه للاحتفال و انت ما شايف..بقيت افر باذني على هاي الجمله .اشو و آني صافن اجاني واحد ما اعرف طلعلي منين جاء و قال لي و هو يمضغ اللبان...انزول ..انزول....صدك ناس ما عندها نظر....شكو بينا احنا...صفنت و انداريت على شمخي و سالته ...بروح ابوك شمخي...هذا شنو هالشئ...تره آني مشايف هيجي جنس من قبل...ضحك شمخي و قال لي...لبيب مو اكلك انت مطفي بالليل و بالنهار..هذوله انترس البلد منهم.....آني هم انقهرت عليه و شلت كم دينار و انطيته لهذا الشئ اشو اندار و شمرهه بوجهي و ابتعد غاضبا و هو يدردم و يقول...شلون شكول...عباله جايين دنكدي...تعجبت مع نفسي من سلوك هذا المكدي الارستقراطي


ابتدا الشوط الثاني و اشتغل ركع القنادر و التواثي بين اللاعبين حتى قبل ان يضربوا كره بدايه الشوط الثاني واخذت الجماهير تصرخ و تلوح بالايادي و احسست و كاني اعيش اجواء فلم المصارع لرسل كرو. التفت على شمخي و سالته مالذي حصل فاجابني..يكولون صارت عركه بين اثنين كل واحد منهم يعتقد انه هو كابتن الفريق...ولك هاي شلون طركاعه...اول مره اشوف عركه بالفريق على منو يصير الكابتن. و هناك و اشتغل ركع القنادر و الاحذيه بين اللاعبين و المشجعين و كل الجمهور و فرقه جالغي حمديه تعزف و تغني بلا توقف...و هناك و اشوف واحد من اللاعبين انبسط بسطه زينه و انسحل بس ما طلعوه خارج الملعب بينما الثاني صار يداعب شعره الكثيف و يصرخ بوجه الجمهور بحركه طرزانيه و هو واقف على كرسي ما أدري منين جابه و هو يقول....أنا الكابتن...صفقت الجماهير كثيرا بس ما ادري على شنو

أبتدا الشوط الثاني و اشتغلت رحمه الله مره ثانيه....الجمهور يتساقط و صارت بالكواتم...طيخ...و  واحد طاح....و لك هاي شلون مصيبه...وقفت و كلت لشمخي...شوف آني بعد ما أكعد دقيقه واحده...و هناك فاجأني عازف الطبله بعيدانه و هي تطبل على رأسي و هو يقول...يابه شخبصتنه...متطلع و تخلصنه....فصحت به...ولك خايب انت ما جاي تشوف شدايصير بالجمهور...شنو هاللعبه التعبانه مثل وجوهكم...اشو آني كلت هيجي و ما أشوف الا و فرقه حمديه صالح و نص الجمهور هجموا علي و وين ما يوجعني...تكالبوا علي لاني قلت الواقع...انسليت من بين ايديهم بعد ان صاروا يضربون شمخي ظنا منهم انه انا...و ما ان وصلت الى باب الملعب حتى اطلقت ساقي للريح...و هناك و لزموني سيطره...و تعال طلع جوازك دنشوف هوه من يا فئه...اكلهم يمعودين صارت مذبحه بالملعب...هسه وقت جواز...يكولولي ما علينا...انريد نشوف الجواز...و مره اخرى افلت منهم واطلقت ساقي للريح هربا من الكل و ما ان وصلت الى بيتنا و اغلقت الباب ورائي حتى سمعت صياح امي...ابني لبيب ...اكعد...هاي شبيك يمًه...افقت من نومي ويد امي تهز جسدي... جلست على حافه السرير و ان احس ان جسمي كله متعب....قلت لها ..يوم ..شلون كابوس كنت دا أحلم ...بعد الله يخليك لا توكلينا اكل دسم على الغداء...كلهه من الكرفس و الخبز مالك...أجابتني أمي...ابني يا كابوس...انت ما كنت نايم...انت هسه جيت من بره...لم أفهم كلام امي...لاني اكاد اقسم انه كان كابوس و ما معقوله انه حقيقه واقعه

عن فنطازيا  " ليل الصبح "  للموسيقار المشهور فوزي طابوكه