2010-11-06

و هل جزاء الاحسان الا الاحسان

كونه ساكن لغابات افريقيا كان جويسم شديد الحب لهذه الغابات و ساكنيها من الناس و الحيوانات و كان يعشق بيئته التي عاش و ترعرع فيها بالرغم انها كانت احيانا مليئه بالمخاطر كالحيوانات المفترسه و الكمائن المميته والتي يقع ضحيتها الانسان قبل الحيوان و لم يبال بعدم توفر الكهرباء و طفح المجاري و عدم صلاحيه مياه الشرب " الصالحه للشرب حسب اقوال مديريه ماء و مجاري افريقيا الاوربيه "  و لم يبال ايضا بأنه يظفر بالنزر القليل من واردات بيع الموز بينما يأكل القرده الباع الاعظم منها

 تعوًد جويسم على النهوض مبكرا للذهاب الى عمله " وهو البحث عن عمل " . و تعوًد جويسم ان يسلك طريق الاحراش متجنبا الطريق الرئيسي لكثره السيطرات والحواجز الكونكريتيه على طول الطريق ومستمتعا بزقزقه العصافير و سماع  صوت خرير النهر و الاستماع الى مواويل يوسف عمر الذي لا يعرف من اين مصدره و هو يقطع الغابه في طريقه للبحث عن عمل

و في يوم من الايام و هو يمارس روتينه اليومي بالمرور عبر الغابه و اذا به يسمع صراخ عالي يصم الآذان. أدرك على الفور و من خبرته بهذه الغابه و حيواناتها بانه صوت فيل. تسائل مع نفسه "يا ترى لماذا يصرخ هذا الفيل؟ هل تحوسمت انيابه طمعا بالعاج حيث كان يشاع ان طرزان الجلبي كان يحوسم اي شئ له قيمه و مرق. الصراخ كان عاليا و مزعجا ذكره بصوت جلال الدين الصغير عند اداؤه اغنيه " مالي شغل بالسوك مريت اقتلك  "  لسلطانه الطرب زكيه طابوكه

اسرع جويسم الى مصدر الصوت ليجد فيل في ريعان صباه و هو يصرخ و يستغيث . فلقد دخل جذع شجره مكسور في رجله و أخترقها. ادرك جويسم انه بدون اي مساعده خارجيه فان الفيل سيعاني و يعاني و ان جرحه المفتوح سيظل ينزف و لن يقدر هذا الفيل على المشي بسهوله و في الاخير سيكون فريسه سهله لمفترسات الغابه

قرر جويسم الاقتراب من الفيل ليحاول ان ينتزع الجذع المغروس من رجله. كان الفيل هائجا و خائفا . جويسم كان خائفا مثل الفيل. فلو ضربه الفيل بخرطومه او داسه برجله فسيتعين على ام جويسم ان تستدين لتغطيه نفقات تكاليف العزاء على روح جويسم. و لكن شهامته تغلبت على خوفه و قرر المضي قدما لمساعده الفيل. اقترب من الفيل الهائج ببطء و هو ينظر الى وجه الفيل و يقول له : اهدأ يا فيل ..اهدأ انا هنا لاساعدك .  يبدو ان الفيل فهم ما كان يحاول جويسم ان يقوله له فهدأ و انزل رجله المصابه للارض . اقترب جويسم من رجل الفيل المصابه و قام بعده محاولات لازاله الجذع من رجل الفيل و الحيوان الضخم يتلوى و قلب جويسم يخفق خوفا من ان يدوسه الفيل في لحظه جنون و ينهي حياته. و اخيرا نجح جويسم باخراج الجذع و هرول الفيل مبتعدا قليلا عن جويسم. وقف الفيل و نظر الى جويسم و رفع رجله المصابه الى الاعلى و الاسفل عده مرات و كانه يشكر جويسم على معروفه و ستعرفون معنى هذه الحركه في نهايه القصه

بقيت هذه الحادثه ملتصقه في ذهن جويسم لسنين طويله كما التصق طائر المالكي الحزين بالكرسي . و كم تمنى في نفسه ان يرى هذا الفيل ثانيه و لكن القدر و الكلاص ابى ذلك

و اخيرا حصل جويسم على عمل في احدى شركات الانشاءات و بدأ الحظ يبتسم له خاصه بعد ان قررت الحكومه انشاء مسابح ضخمه و عديده لكافه انواع الضفادع و اقامه حلبات سباق الرالي لسيارات موديل ما قبل ثوره التمور


و بعد سنين عديده من العمل المرهق و المضني و التعب و الارهاق قرر جويسم ان يأخذ اجازه ليرتاح قليلا خاصه بعد ضروف العمل المرهق التي منع فيها مدير الشركه كل العاملين من الراحه او السفر او التمتع باي راحه. و كانت اولى محطات استراحته هي زياره لحديقه الحيوانات

و هو يدور بين اقفاص الحيوانات سمع صراخ فيل اشبه بالصراخ الذي سمعه قبل سنين عده عندما صادف ذلك الفيل الجريح. التفت جويسم الى مصدر الصوت فرأى فيل ينظر اليه و يصرخ و يرفع رجله الى الاعلى ...يا للهول...قال جويسم...هذه نفس حركه الفيل الذي قدمت له المساعده قبل سنين عديده. لم يكن جويسم متاكدا من ان الفيل الذي في القفص هو نفس الفيل الذي ساعده قبل سنين

اقترب جويسم من القفص و دار حوله و الفيل يدور مع جويسم و يرفع رجله للاعلى...يا الهي انه حتما نفس الفيل..انه صديقي الفيل الذي انقذته...لا يزال يتذكرني

قرر جويسم القفز الى داخل القفص و بدا بتسلق السور المحيط بالقفص. حاول الناس العقلاء منع جويسم من القفز و لكنه اصر على القفز و السباحه بالنهر الملئ بالحبر البنفسجي المحيط بقفص الفيل . و بعد ان عبر النهر ذو الحبر البنفسجي اتجه مباشره الى الفيل لاخذه بالاحضان . و هناك و عندما اصبح بين قدمي الفيل و تحت خرطومه باغته الفيل بضربه من خرطومه ثم داس على جويسم و سحق صدره سحقا . و هنا قال جويسم لنفسه و هو يحتضر و ينازع نفسه الاخير....هذا طلع مو نفس الفيل....ما كان علي ان اثق بهذا الفيل....صدكت جدتي من كالت.....مو كل مدعبل جوز...... وهنا لفظ جويسم نفسه الاخير


ما لا يعرفه جويسم المسكين ان الفيل كان نفس الفيل الذي اشفق على حاله و تعاطف معه و ساعده و لكنه كان فيل لئيم لعب بعواطف جويسم عندما رأه للمره الثانيه و جعله يعبر النهر ذو الحبر البنفسجي ليسحقه برجله جزاء على الالم الذي شعر به ايام زمان حينما كان جويسم يخرج الجذع من رجله المصابه. فحركه رجل الفيل للاعلى و الاسفل حينما اخرج جويسم الجذع من رجل الفيل ايام زمان كان معناها  " سأسحقك برجلي هذه عندما تشفى و عندما اراك ثانيه " .... خطيه جويسم


فيا أعزائي....مثل ما قال الشاعر اللي ما اعرف من هو.....في حديقه الحيوان فأن الزريبه الخضراء ما يجي منها غير جهنم الحمراء و البلاوي الزرقاء

اراكم بخير دائما