2010-11-26

شنو نسوي حتى تروح هاي الريحه

مدت ام صباح يدها المرتعشه و تناولت احدى الورقتين الموضوعتين على الطاوله امامها و التي نستهما ابنتها هذا الصباح عندما خرجت مسرعه لتلحق بموعد الاجتماع مع رئيس تحرير الجريده التي تعمل فيها. تمعنت ام صباح النظر في الورقه الاولى من الورقتين و لكنها لم تستطع قرائتها اما لصغر الحروف او لانها لم تضع النظارات على عينيها .بحثت حولها عن النظارات و هي تلعن و تسب وزير الكهرباء و الحكومه برمتها . فأم صباح تقول انها و بسبب كثره انقطاعات الكهرباء امست تقضي الليل كله على ضوء الشموع مما ادى الى ضعف بصرها. ابو صباح ما انفك يذكرها بالعمر و كيف يؤثر على الانسان و على حواسه و عقله و لكنها تصر على موقفها من سبب ضعف بصرها

فتحت ام صباح الورقه الاولى بعد ان وضعت نظاراتها و بدأت بقرائتها. بدت للوهله الاولى و كأنها رساله من احدهم. خافت ام صباح ان يكون احدهم قد كتب رساله غراميه لابنتها الشابه ذات الاربعين ربيعا فبدأت بقراءه هذه الرساله و التي تقول

يا حبيبه عمري و ضياء حياتي..اليوم شعرت اني محتاج لاكتب لك هذه الرساله و احكي لكِ عن همومي. فقد طفح الكيل و جفت انهر الصبر...امي العزيزه

امي العزيزه ...هنا تنفست ام صباح الصعداء عندما قرأت هذه الجمله و فهمت انها رساله من احدهم الى امه...و لكن ما دخل ابنتها بكل هذا...قررت ام صباح ان تقرأ الرساله الى النهايه لتعرف الجواب على تساؤلاتها

امستي فريزه... امي العزيزه...تعلمين أني تركت العراق مجبرا بعد تفاقم مشكله واتر بمب المبرده . خرجت و لم التفت الى الوراء بحثا عن الحريه فوصلت بالغلط الى الشعله. تلقفتني بلاد كثيره و تركت بصمات كعب حذائي على بلاد اخرى و لكني لم انس ابدا جزمتي الوحيده التي نسيتها ورائي.... و طبعا انا لم انساكم ابدا

هنا بدأت عيون ام صباح تترقرق بالدمع الحار. فالكلمات مؤثره جدا و رائحه البصل الذي اخذ ابو صباح بثرمه " او هكذا ظنت " في مطبخ البيت قويه. جففت ام صباح عيونها و عدلت من جلستها و بدات باكمال الرساله المؤثره

و بعد ان من الله علي بنعمه الشعر الكثيف و قصر الرقبه و بعد ان اكملت الدكتوراه في موضوع العلاقه بين الاحتباس الحراري و تأثيره على سرعه ذوبان الايس الكريم بدات بمشروعي النضالي الليبرالي الاشتراكي الاسلامي ساخت ايران ...فاخترت فرنسا لقربها من اسبانيا . و بين هناك و لبنان بدأت مسيره حياتي النضاليه و قصه كفاحي الطويل. سهرت الليالي ...جعت و عطشت...قارعت الظلم و الجبروت و الطغيان...عانيت ما عانيت في سبيل رفع الظلم و قهر الباطل و اكل اللبلبي و الخيار. لم اذق طعم الراحه او البيبسي في مرحله نضالي هذا...جازفت بروحي حد الموت و كنت اذا ركبت المترو في باريس لا ادري ان كنت ساصل الى المحطه التاليه ام لا لاني كنت لا اجيد اللغه الفرنسيه و لطالما كنت اتوه بين هذه المحطات اللعينه. اشتعل شعر راسي شيبا و انا مستمر في نضالي هذا لا استكين او احيد عن كلمه الحق وصارت اخباري تذاع على كل القنوات المشهوره كقناه الجزره و روتانا رمان

هنا فاضت عيون ام صباح بالدموع...ليس من التاثر بل ممن رائحه البصل المثروم القويه جدا...صرخت باعلى صوتها بزوجها ابو صباح ان يكف عن ثرم البصل. اتاها صوت ابو صباح من بعيد و هو يقسم انه لم يثرم بصله واحده هذا اليوم و انه في غرفه الجلوس يشاهد التلفزيون و يكرز حب شمسي قمر. تعجبت ام صباح و تسائلت عن مصدر رائحه البصل المثروم و التي زالت حالما رفعت نظرها عن الرساله

اكملت ام صباح قراءه الرساله و التي جاء فيها :- و عندما اشرقت شمس عمنا بوش على بلدنا عرفنا ان نضالنا و كفاحنا لم يذهب سدى فعدنا الى الارض التي خرجنا من ترابها يملؤنا الامل بخدمه شعبنا الذي ناضلنا من اجله. و فعلا  و حالما خلعنا بدله النضال و لبسنا بدله البناء بدأنا بوضع الخطط الكفيله بضمان حياه كريمه لكل ابناء الشعب العراقي

هنا توقفت ام صباح عن القراءه. فدموع عينيها اصبحت تجري انهارا بسبب اشتداد رائحه البصل المثروم. نهضت ام صباح و فتحت كل الشبابيك و النوافذ لتهويه البيت لتتخلص من هذه الرائحه التي لا تعرف مصدرها. ففعلا ابو صباح لا يزال جالسا امام التلفاز و ان كانت الكهرباء قد انقطعت و تسليته الوحيده الان هي تكريز حب الشمسي قمر

بدات رائحه البصل تخف و قررت ام صباح متابعه قراءه الرساله

امي العزيزه: لم يغمض لي جفن منذ ان وطئت قدمي ارض الوطن. فلقد عملنا و بجد على تنفيذ كافه خططنا الراميه الى تحسين الحاله المعيشيه للمواطن و اخترنا لذلك خيره رجالنا الذين قدموا من كل اصقاع المعموره لا لشئ سوى خدمه بلدهم الحبيب. و عملنا ليل نهار على استغلال كل فلس احمر و اخضر لتحقيق اهدافنا الساميه. و كنت دائما سباقا للخير و وضع حجر الاساس لكل مشروع فيه خير للبلد و لذلك كانوا دائما يقولون عني اني اول من يضع حجر الزاويه لبناء البلد و اصبحت كنيتي " زويه " و كل لك بفضل تربيتك الصالحه لي و النبع الصافي الذي ارتويت منه

هنا و لم تتحمل ام صباح رائحه البصل الخانقه...المصيبه انها لا تعرف مصدرها...ذهبت ام صباح الى المطبخ و اخرجت كل ما لديها من البصل و الثوم و رمته خارج الدار. فالرائحه خانقه و عينيها و انفها اصبحا لا يتحملان تبعات هذه الرائحه

ذهبت ام صباح و غسلت عينيها بالماء و ابو صباح ينظر اليها متعجبا...فقد اكد لها انه لا يشم شيئا من رائحه البصل هذه و لو لا ان التلفاز مغلق و لا ائر لاي تصريح ناري من قبل قاسم ثارم البصل لقال ان قاسم هو مصدر رائحه البصل

و بعد ان هدأت عينا ام صباح و زالت اثار رائحه البصل من البيت استأنفت قراءه الرساله لتكملها


تقول بقيه الرساله: و لكني و مؤخرا و بعد الاعمال الارهابيه التي حصلت مؤخرا و التي استهدفت كنيسه النجاه شعرت بالكسوف من نفسي...لا لا ..الكسوف كلمه مصريه...قصدي شعرت بالخجل من نفسي ان اكون عضوا في حكومه لا تستطيع حمايه مواطنيها....و هذه الحادثه و مثيلاتها قصرت رقبتي " على كوله اخواننا المصريين " حتى امسى شكلي كضفدع مرتديا ربطه عنق. همي كبير و حزني اكبر و كنت أتمنى أن أكون بين الضحايا واشعر بكرامة وشرف أكثر من كوني مسؤولا، فانا اشعر بخجل كبير من هذا الوضع السيئ

و هنا بدأت العبرات تخنق ام صباح...فرائحه الثوم المثروم قد اصبحت شديده لا تطاق حتى كاد نفسها ان ينقطع..شاهدها ابو صباح على هذه الحاله السيئه فاسرع مهرولا ليجلب لها كوبا من الماء..اشارت اليه باصبعها و هي تشرب الماء ان يشرع كل الابواب و الشبابيك و ان ياتي اليها بمروحه يدويه و القليل من العطر. لعن ابو صباح البصل و رائحته مع العلم انه لم يشم اي شئ و اعتبر ان ذلك حاله نفسيه تمر بها ام صباح و ذلك لتأثرها بما تقرأ لكن ام صباح خالفته الرأي و أصرت على ان تكمل قراءه الرساله الى نهايتها و التي تقول تكملتها

الاخت صباح...ارجوا ان تنشري هذه الرساله بجريدتكم على اساس انها رساله مني الى امي بمناسبه حادثه كنيسه النجاه عسى ان اجد قبولا لدى اخواننا المسيحيين و بقيه الشعب المسكين...السيد عادل عبد المهدي

هنا انتهت الرساله الاولى و بدأت تخف رائحه البصل . تناولت ام صباح الورقه الثانيه لقراءتها و كانت الرساله قصيره حيث جاء فيها...الاخت صباح...غيرت رايي و ارتأيت ان ادلي بتصريح مباشر عبر وسائل الاعلام كهذا التصريح فلا تهتمي بنشر الرساله الاولى ....السيد عادل عبد المهدي

هنا تنهدت ام صباح و قالت لنفسها....خطيه شكد خوش ولد عبد المهدي هذا...ما راد يغث امه بمثل هيجي رساله

وضعت ام صباح الرساله الثانيه على الطاوله بينما كان ابو صباح يقرأ بفضول الرساله الاولى...و ما هي الا دقائق حتى ضاق نفسه و ازرق وجهه و صاح بصوت مكتوم...ام صباح...دخيلك...منين جايه ريحه البصل هذه...تره راح اختنق و اموت

ردت عليه ام صباح و قالت....خايب هسه يلله بديت تشم الريحه؟ ....بويه السؤال هو مو منين جايه الريحه...السؤال هو .....شوكت راح نخلص من هاي الريحه.....شوكت

و استنادا الى قصتنا اعلاه نقترح تغيير اسم مقر مجلس النواب و مقر الحكومه في منطقه الجت الاخضر الى علوه البصل...و كما قيل قديما... ماكو ارخص من البصل...فما بالك بثرمه