2013-06-10

طار الكرسي....لو ما طار


تعالت المظاهرات و الأحتجاجات وعمًت أرجاء البلاد...الكل ينادي " كافي كذب " يطلع مذيع التلفزيون في لقاء مع أحد المارة..يسأله " عمو شنو تتمناه بيوم العيد " يجيبه العم " و الله بس لو هالجماعة الكاعدين بالحكومة يبطلون جذب كان أرتحنا ..اتمنى من كل قلبي لو يبطلون كذب لو ينكطع لسانهم و نخلص " . صارت الأدعية التي تكتب على دعاميات السيارات كلها تشير الى ظاهرة كذب السياسيين فمثلا أكو كوستر مكتوب على الدعامية " لو كان الكذب يبيض ذهب لكنا أغنى شعوب الأرض " و كيا مكتوب على الزجاج الخلفي " محروسة  أبو دم الفاير من كل فيل طاير "  أما صفحات الأنترنت و مضايف الفيس بوك فقد أمتلأت بالحديث عن ظاهرة الكذب المستفحلة بتعليقلات أو رسوم معبرة.

حكومة البلد المنكوب ضاقت ذرعا بكل هذا و ذاك و طالبت بحل سحري للقضاء على هذه الظاهرة الغير صحية التي أصبحت رائحتها تزكم الأنوف . أرسلت الحكومة موفدها للتعرف على مطالب المتظاهرين بعد أن أخذ كبير المفاوضين معه درزن نفاخات على سبيل الرشوة لكن المتظاهرين أبدوا صلابة و طالبوا بحل مشكلة الكذب التي أخذت تجتاح البلاد من خلال السياسيين القابعين تحت قبة معبد علي بابا . زين بابا شتريدون نسوي سأل كبير المفاوضين كبير المتظاهرين . المتظاهرون قدموا حل و هو أن يجلس كل أعضاء الحكومة على كرسي الصدق الذي سيصنعه أحدهم من أهل الثقة و أختاروا لذلك أحد أمهر الصانعي ممن يثق فيه أولو الأمر و ليطرد كل من يكذب على الشعب. وافقت الحكومة على هذا الشرط تحت ضغط المطالب الشعبية.

تم أحضار أول كرسي لرئيس البرلمان لأستعماله في أول جلسة علنية على الهواء. وعند أفتتاح الجلسة قام رئيس البرلمان و هدد بما يلي

 سيتم مقاضاة رئيس الوزراء لأهانته البرلمان و تحريضه النواب على عدم حضور الجلسة الاستثنائية

هدد باعادة مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2013 الى الحكومة لزيادة سقف النفقات او استخدام حقه بمناقلة الاموال في بنود وفقرات الموازنة

هدد برفع دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء لاتهامه البرلمان بـ"الفشل" في إقرار القوانين.

و لم يكد يكمل رئيس البرلمان تهديداته حتى أهتز الكرسي و أخذ يميل يمينا و يسارا و يطلق أصواتا عالية و ماهي الا لحظات حتى أنشمر رئيس البرلمان و طار في الهواء لينافس بذلك أبطال الرياضة في فقرة القفز بالزانة

الجلسة كانت على الهواء و شاهدها جميع مكاريد الشعب . أطلقت العيارات النارية في الهواء و خرج الجميع يصفق و يغني لكن يا فرحة ما تمًت . أعلن أن هناك خللا فنيا في الكرسي و تعتبر جلسة البرلمان مؤجلة لمدة عامين لحين أنتهاء عطلة أعضاء البرلمان و عودتهم من منتجعات الغربة سالمين .

و أستضاف البرلمان بعدها جلسة على شرف وزير الكهرباء الذي مالبث أن أعطى وعوده بتوفير الكهرباء في الأشهر المقبلة و بتصديرها الى دول الجوار خلال ال كم شهر الجاية ...هنا الكرسي لم يمل يمينا و لا شمالا أنما طار في الهواء عاليا و آخذا معه الوزير  ليطيح به من أرتفاع عال لكن قدر الله منع الوزير من الموت المحقق نتيجة سقوطه على أريكة من الأرائك الفاخرة التي يستخدمها أعضاء البرلمان عندما تطول الجلسة و يحلو النوم على هواء أيركوندشنات البرلمان

هنا لم يهلل أو يصفق الناس بل أنتظروا تصريح الحكومة الذي مالبث أن ظهر من على شاشات التلفزيون ليعلن عطل في سبرنكات الكرسي و التي تم الأيعاز بأستبدالها بسبرنكات ساخت أيران و على وجه السرعة .

و هكذا توالت الأحداث. جلس وزير الداخلية ليعلن انه ليس هناك أي سيطرات وهمية . الكرسي قذف الوزير الى السقف . اما قاسم ثارم البصل فقد أدلى بتصريحاته واقفا من دون كرسي

و حدث ذلك مع قائد جيش الطرشي عندما أعلن أن دم العراقي حرام لكن الكرسي المسكين أنهار تحت ثقل الكذبة و لم يستطع القيام بأي حركة سوى أنه تفكك الى مائة وصلة  و برغي أما المللة الصامت فقد طلع بخوش حجًة و رفض مكتبه تسلم أي كرسي من هذا النوع بحجة ان المللة يجلس على الأرض و لا يستخدم الكراسي

و تم أهداء نسخة من الكرسي الى السفير الأيراني الذي صرًح بأن أيران لا تتدخل في شؤون البلد و لا تستخدم ميلشياتها و فيلق قدسها لترتيب الأنفجارات و التفخيخات و أغتيال العلماء و الطيارين و الأطباء . بعد ذلك شوهد دخان أسود يتصاعد من محيط مبنى السفارة الأيرانية لتتسرب معلومات عن أنفجار الكرسي من القهر.

و هكذا توالت الأحداث و الشعب يتلقى تفسيرات عن سبب الحالات التي تحدث. و في كل مرًة يتم فيها أتهام الكرسي بعدم الجودة أو صانعه بعدم أتقان الصنع . و تم أيضا أتهام البعث و القاعدة و من خلال توجيهات دول مجاورة للعبث بأجهزة الكرسي و تخريبها.

و جاء اليوم الذي جلس فيه أبو الكرسي على الكرسي في برنامج " حوار صريح مع مسئول كبير " و بترتيب خبيث من مسئول حزبي أخبث من الخباثة ليحرج رئيس الوزراء  . و أخذ الحباب رئيس الوزراء و من أول سؤال عن حال العراق بكيل الأتهامات لفلول القاعدة و البعث في التسبب في عرقلة التقدم في البلاد و وعد بتغيير الحال السئ جدا الى حال يحسدنا عليه كل العباد في أصقاع المعمورة و في خلال مائة يوم كما تعهد بمحاربة الطائفية و الطائفيين و المفسدين و المرتشين و العابثين بأمن البلد و مقدراته و لجم جماح الأحزاب و السيطرة على المليشيات و ما الى ذلك من الوعود العظيمة . الكرسي لم يهتز و لم يتحرك. حتى مقدم البرنامج الذي كان يتخذ وضع الدفاع تحسبا لأنفجار الكرسي تعجًب من أن الكرسي لم يتحرك و خرج رئيس الوزراء سالما غانما مزهوا بأن ما قاله لم يحرًك في الكرسي سبرنك أو برغي واحد . و بهذا سارت الركبان في أطلاق لقب أبو الكرسي على شخص دولة رئيس الوزراء لأنه الوحيد الذي شوًر بالكرسي قبل أن يشوًر الكرسي به.

مدير الأذاعة و التلفزيون بجلالة قدره شال الكرسي و طيران على الصانع ليسأله " دخيلك...شنو القصًة..الكرسي ما تحرك...شنو رئيس الوزراء ديحجي صدك و أحنا متهمين الرجًال على الخالي بلاش لو الكرسي مالك صار بيه عطل "

الصانع أخذ يفحص الكرسي قطعة قطعة. و بعد قرابة الربع ساعة جلس الصانع على حافة الرصيف و طلب من صبيه أستكان شاي " حدًق فيه الجميع منظرين منه جوابا شافيا . قال لهم و هو يرتشف الشاي " المسكين الكرسي...صار بيه شلل من كثرة ما سمع هواية كذب مصفًط في فترة قياسية و لهذا لم يحرًك ساكنا ...مات المسكين في أقل من ثانية "

 لطم الجميع على خدودهم و سألوا الصانع ..زين شنو الحل ؟؟

الصانع أجابهم ..و الله بعد اللي شفته باللي صار بالكرسي فصاحبكم رئيس الوزراء هذا ينرادله طخم قنفات كامل يلله يتحمًل الكذب مالته مو كرسي وحيد

رجع الجميع و هم يضربون كفا بكف...فحتى تقبل الحكومة بالكرسي الكاشف للكذب أستغرق ذلك منهم سنين و سنين من الأضرابات و الأعتصامات و تقديم الشهداء...هالمرًة نحاول نقنع الحكومة بطخم قنفات ...يعني يمكن أن يأخذ هذا الأمر عشرات السنين و الله أعلم ...جلس الجميع على كراسي مقهى " أبو سباهي "  العادية يحتسون الشاي و هم يفكرون بالحل و المذياع القديم يصدح بصوت فيروز و هي تغني " أنا و شادي غنينا سوا ".....و لحديث الثورة بقية

ملاحظة : شادي أسم طفل لبناني و الشادي معناها قرد بالعراقي و يا مكثر الشوادي في لبنان...و العراق
 هذا يا كرسي اللي ديحجون عليه ؟؟